للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأوائله؟. فالإغراق في تشبيه طيب رائحة فم امرأة عند تغير الأفواه بعد النوم بالرائحة الناشئة من اختلاط رائحة الخمر المشوبة بالماء النقي برائحة الخزامى والبخور- أمر غير مستحيل عقلا لكنه ممتنع عادة.

ومن الإغراق في الوصف أيضا بغير أداة تقريب قول الشاعر:

قد سمعتم أنينه من بعيد ... فاطلبوا الشخص حيث كان الأنين

فوصف الشخص بأنه لا يرى لشدة نحوله إلا بأنين أو تأوه إغراق في الوصف ممتنع عادة، لكنه غير مستحيل عقلا.

ونظير هذا المعنى قول ابن حجة الحموي:

وقد تجاوز جسمي حد كل ضنى ... وها أنا اليوم في الأوهام تخييل

ونظيره أيضا قول شرف الدين عمر بن الفارض:

كأني هلال الشك لولا تأوهي ... خفيت فلم تهد العيون لرؤيتي

ومنه قول صفي الدين الحلي في وصف معترك:

في معرك لا تثير الخيل عثيره ... مما تروى المواضي تربه بدم

فوصف المكان الذي يعترك فيه الفرسان بأن الخيل التي تحملهم وتعدو بهم هنا وهناك لا تثير غبارا فوقها لكثرة

ما ارتوى به تراب المعترك من الدماء التي أراقتها السيوف المواضي- أقول هذا الوصف فيه إغراق شديد، إذ لم تجر العادة أن ترتوي أرض معركة بالدم إلى هذا الحد، لكنه أمر غير مستحيل عقلا.

...

من كل ما تقدم يتضح أن الإغراق، وهو الوصف الممكن وقوعه عقلا لا عادة نوعان: إغراق في الوصف تدخل عليه أداة تقربه إلى

<<  <   >  >>