هذا والأسجاع مبنية على سكون الاعجاز، أي أواخر فواصل الفقرات، لأن الغرض هو التواطؤ والمزاوجة بينها، ولا يتم ذلك في كل صورة إلا بالوقف بالسكون، كقولهم:«ما أبعد ما فات! وما أقرب ما هو آت!».
فلو لم نقف هنا على أواخر الفقرات بالسكون ووصلنا الكلام لاستدعى الأمر إجراء كل من الفقرتين على ما يقتضيه حكم الإعراب فتكون التاء الأولى مفتوحة والثانية مكسورة منونة، وبذلك يفوت الغرض من السجع.
...
وبعد ... فلا تفوتنا الإشارة إلى اختلاف أرباب صناعة الكلام حول السجع وقيمته البلاغية. فمنهم من يعيبه ويعده من الأساليب التي تقوم أكثر ما تقوم على الصنعة والتكلف والتعسف. وهم يستدلون على وجهة نظرهم هذه بما آل إليه البيان العربي من تدهور وانحطاط في العصور التي شاع فيها استعمال السجع.
ومنهم من استحسنه ودافع عنه محتجا بأنه لو كان مذموما لما ورد في القرآن الكريم، حيث لا تكاد سورة تخلو منه، بل إن من سوره ما جاءت جميعها مسجوعة كسورة الرحمن وسورة القمر وغيرهما.
كذلك يحتجون بأن الصنعة والتكلف والتعسف ليست أمورا مقصورة على أسلوب السجع، وإنما هي أمور من الجائز أن تلحق بالسجع كما تلحق بغيره من الأساليب. وليس العيب في السجع ذاته وإنما العيب فيمن يحاوله ثم يعجز عن حسن استخدامه.