لم ترد ضمن ما اهتدى إليه كلاهما من أنواع البديع. وليس من الجائز أن تكون من اختراع أبي هلال نفسه، إذ لو كان الأمر كذلك لذكرها مع الأنواع الستة التي نص في كتابه على أنها زيادة من عنده على ما أورده المتقدمون من أنواع البديع.
وتلخيصا لكل ما سبق من أنواع البديع نذكر أن ما وصل إلينا مما اكتشف منها إلى عصر أبي هلال العسكري قد
بلغ واحدا وأربعين نوعا، منها: ثمانية عشر نوعا من اختراع ابن المعتز، وتسعة أنواع من اختراع قدامة، وستة أنواع زادها أبو هلال العسكري، وأخيرا ثمانية أنواع ذكرها أبو هلال، ولعله قد عثر عليها لدى بعض من سبقوه من علماء البيان باستثناء قدامة وابن المعتز.
[ابن رشيق القيرواني]
وإذا ما انتقلنا إلى القرن الخامس الهجري فإننا نلتقي بأديب مغربي اهتم بالشعر وآدابه اهتماما كبيرا، وحظي البديع منه بنصيب ملحوظ من البحث والدراسة.
ذلك الأديب المغربي هو أبو علي الحسن بن رشيق الأزدي القيرواني أحد بلغاء القيروان وشعرائها، ولد بالمسيلة وقيل بالمحمدية سنة ٣٩٠ للهجرة، وأبوه مملوك رومي من موالي الأزد، وكانت صنعة أبيه في بلده المحمدية الصياغة، فعلمه أبوه صنعته، وقرأ الأدب بالمحمدية، وقال الشعر، ثم تاقت نفسه إلى الاستزادة منه وملاقاة أهل الأدب فارتحل إلى مدينة القيروان سنة ٤٠٦ للهجرة، واشتهر بها، ومدح صاحبها المعز بن باديس الصنهاجي، ولم يزل بها إلى أن هجم العرب عليها وقتلوا أهلها وخربوها، فانتقل إلى جزيرة صقلية وأقام فيها بقرية «مازر» إلى أن توفي سنة ٤٦٤، وقيل سنة ٤٥٦ من الهجرة.