٣ - ثم ما طالت فقرته الثالثة نحو قوله تعالى: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ، ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ، ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ.
٤ - ولا يحسن أن يؤتى بالفقرة الثانية أقصر من الأولى كثيرا، لأن السجع قد استوفى أمده من الفقرة الأولى بحكم طوله، ثم تجيء الفقرة الثانية قصيرة عن الأولى، فتكون كالشيء المبتور فيبقى الإنسان عند سماعها كمن يريد الانتهاء عند غاية فيعثر دونها.
[السجع من حيث الطول والقصر]
إن السجع على اختلاف أقسامه يأتي على ضربين من حيث القصر والطول.
فالسجع القصير هو ما تكون فيه كل واحدة من السجعتين مؤلفة من ألفاظ قليلة. وكلما قلت الألفاظ كان أحسن لقرب الفواصل أو الفقرات المسجوعة من سمع السامع. وهذا الضرب أوعر السجع مذهبا وأبعده متناولا، ولا يكاد استعماله يقع إلا نادرا.
أما الضرب الثاني، وأعني به السجع الطويل، فهو ضد الأول لأنه أسهل تناولا، وإنما كان القصير من السجع أوعر مسلكا من الطويل، لأن المعنى إذا صيغ بألفاظ قصيرة عز تحقيق السجع فيه لقصر تلك الألفاظ، وضيق المجال في استجلابه.
وأما الطويل فإن الألفاظ تطول فيه، ويستجلب له السجع. وكل واحد من هذين الضربين تتفاوت درجاته في عدة ألفاظه.
وأحسن السجع القصير ما كان مؤلفا من لفظتين لفظتين، كقوله تعالى: وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً، وقوله