اللين المقابل للشدة، لأن من رحم لان قلبه ورق. ومن هذه الناحية الخفية صحت المطابقة.
ومنه شعرا قول الحماسي:
لهم جلّ مالي إن تتابع لي غنى ... وإن قل مالي لا أكلفهم رفدا (١)
ففي قوله «تتابع لي غنى» معنى الكثرة التي هي ضد القلة.
أما قول أبي الطيب المتنبي:
لمن تطلب الدنيا إذا لم ترد بها ... سرور محب أو إساءة مجرم؟
فهو من المطابقة الفاسدة، لأن المجرم ليس بضد في المعنى للمحب بوجه ما، وليس للمحب ضد إلا المبغض.
[بلاغة المطابقة]
وبلاغة المطابقة لا يكفي فيها الإتيان بمجرد لفظين متضادين أو متقابلين معنى، كقول الشاعر:
ولقد نزلت من الملوك بماجد ... فقر الرجال إليه مفتاح الغنى
فمثل هذه المطابقة لا طائل من ورائها لأن مطابقة الضد بالضد على هذا النحو أمر سهل. وإنما جمال المطابقة في
مثل هذه الحالة أن ترشح بنوع من أنواع البديع يشاركها في البهجة والرونق، كقوله تعالى: تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ. ففي العطف بقوله تعالى:
وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ دلالة على أن من قدر على تلك الأفعال