للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالبيت الثاني هنا فيه تقسيم بالتقطيع المسجوع. وقد أطلق قدامة على هذا النوع اسم «الترصيع»، وفضله، وأطنب كثيرا في وصفه.

والقدماء لم يكثروا من هذا النوع كراهة التكلف، ومما ورد عندهم منه قول أبي المثلم في الرثاء:

هباط أودية حمال ألوية ... شهاد أندية سرحان فتيان

يعطيك ما لا تكاد النفس تسلمه ... من التلاد وهوب غير منان (١)

فالتقسيم بالتقطيع المسجوع هو هنا في البيت الأول كما يرى.

ومن التقسيم نوع يقال له «تقسيم الضد» ويكون بجعل كل شيء ضده، كقول العباس بن الأحنف.

وصالكمو صرم، وحبكمو قلى ... وعطفكمو صد، وسلمكمو حرب

حكى الصولي أن محمد بن موسى المنجم كان يحب التقسيم في الشعر وكان معجبا ببيت العباس بن الأحنف هذا ويقول: «أحسن والله فيما قسم حين جعل كل شيء ضده، والله إن هذا التقسيم لأحسن من تقسيمات إقليدس» (٢)!.

[عيوب التقسيم]

والتقسيم إذا استوعب جميع أقسام المعنى أو جميع أحواله فهو التقسيم الصحيح الذي يعد من فنون البديع المعنوي. ولكن التقسيم قد يعتريه بعض أمور تفسده وتنقص من قيمته، ومن ذلك:

١ - عدم استيفاء كل أقسام المعنى، كقول جرير:


(١) السرحان بالكسر: الذئب والأسد، والتلاد والتالد والتليد: كل مال قديم، وخلافه الطارف والطريف.
(٢) كتاب الصناعتين ج ٢ ص ٢٤.

<<  <   >  >>