الصحة والقبول، وإغراق في الوصف مجرد من أدوات التقريب.
ولا شك أن المقارنة بين النوعين وعلى ضوء الشواهد السابقة تظهر أن الإغراق المقترن بأداة التقريب هو الأبلغ في وضوح الدلالة على المعنى وفي الإضافة إليه معنويا بما يكسبه رونقا وبهاء وقبولا.
ولكن على الرغم من كل شيء يبقى الإغراق بنوعيه فنا قائما بذاته من فنون البديع المعنوية.
[الغلو]
الغلو في أصل الوضع اللغوي مجاوزة الحد والقدر في كل شيء والإفراط فيه. وهو مشتق من المغالاة، ومن غلوة السهم بفتح الغين وسكون اللام، وهي مدى رميته، يقال: غاليت فلانا مغالاة وغلاء بكسر الغين، إذا اختبرتما أيكما أبعد غلوة سهم.
وقد عرفنا مما سبق أن المبالغة بمعنى التبليغ هي إمكان الوصف المدعى عقلا وعادة، وأن الإغراق هو إمكان الوصف المدعى عقلا لا عادة.
أما الغلو في اصطلاح البديعيين فهو: امتناع الوصف المدعى عقلا وعادة. وعلى هذا فإذا كان الإغراق فوق المبالغة بمعنى التبليغ في تجاوز الحد والإفراط في الصفة المدعاة، فإن الغلو فوق المبالغة والإغراق من هذه الناحية.
ولعل ابن رشيق القيرواني (١) من أوائل من توسعوا في بحث
(١) انظر باب الغلو في كتاب العمدة لا بن رشيق ج ٢ ص ٥٧ - ٦٢.