للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إعراض الكفار الذين شبّهوا بالموتى في عدم انتفاعهم بالأدلة.

والإيغال الذي يعد من البديع حقا هو ما يستدعيه المعنى ويتطلبه الكلام استكمالا للشعر بالقافية وللسجع بالفاصلة. وليس من بديع المعنى في شيء كل إيغال يتكلفه الشاعر أو الناثر.

[التتميم]

أول من ذكر التتميم وعده من محاسن الكلام عبد الله بن المعتز في كتابه البديع (١). وقد سماه «اعتراض كلام في كلام لم يتم معناه ثم يعود إليه فيتممه في بيت واحد»، ومثّل له بثلاثة أبيات من الشعر منها:

لو أن الباخلين، وأنت منهم ... رأوك تعلموا منك المطالا

فمبادرة الشاعر إلى الاعتراض بقوله «وأنت منهم» قبل تمام معنى الكلام هو في الواقع تتميم قصد به المبالغة في بخل المخاطبة وأن الباخلين وهي واحدة منهم جديرون بأن يتعلموا منها المطال.

ومن بعد ابن المعتز جاء قدامة بن جعفر فأطلق على هذا المحسن البديعي اسم «التتميم» وعده من نعوت المعاني وعرفه بقوله: «هو أن يذكر الشاعر المعنى فلا يدع من الأحوال التي تتم بها صحته وتكمل معها جودته شيئا إلا أتى به».

وقد استشهد عليه بأربعة عشر بيتا من الشعر، منها قول نافع بن خليفة الغنوي:

رجال إذا لم يقبل الحق منهم ... ويعطوه عاذوا بالسيوف القواطع (٢)


(١) كتاب البديع ص ٥٩.
(٢) كتاب نقد الشعر لقدامة ص ٩٨، وعاذوا: التجأوا، والقواطع: جمع قاطعة، أي حادة ماضية.

<<  <   >  >>