أما الأنواع التسعة الباقية والتي لم يرد لها ذكر عند رجال البديع السابقين فهي: التورية، والترديد، والتفريع، والاستدعاء، والتكرار ونفي الشيء بإيجابه، والإطراد، والاشتراك، والتغاير.
وليس لنا بالنسبة لهذه الأنواع التسعة الجديدة إلا أحد احتمالين:
أحد هما أنه أخذها عن بعض المتقدمين في البديع غير ابن المعتز وقدامة وأبي هلال العسكري، وثانيهما أنه هو نفسه قد زادها على ما أورده المتقدمون، وإن لم يكن قد نص على ذلك كما فعل أبو هلال مثلا.
وتتميز دراسة ابن رشيق لما ذكره من فنون البديع بأنها أكثر تفصيلا، وإن كان قد سار فيها على منهاج أشبه بمنهاج أبي هلال فهو أولا يعرف الفن البديعي ثم يشفعه بالأمثلة والشواهد من منظوم الكلام ومنثوره، وقلما
عرض للشاهد بالتوضيح اعتمادا على فطنة القارئ.
وفي المصطلحات نلاحظ أنه إذا آثر مصطلحا بعينه لفن بديعي، فإنه يذكر اسمه الآخر عند هذا أو ذاك ممن سبقوه إلى البديع، ففي كلامه عن «الاستثناء» يقول: وابن المعتز يسميه توكيد المدح بما يشبه الذم، وفي كلامه عن «المطابقة» يقول: وسمى قدامة هذا النوع- الذي هو المطابقة عندنا- التكافؤ ... ولم يسمه التكافؤ أحد غيره وغير النحاس من جميع من علمته، وفي «الالتفات» يقول: وهو الاعتراض عند قوم، وسماه آخرون الاستدراك، حكاه قدامة ... وهكذا. وقد جرى مع سابقيه في اعتبار الاستعارة من البديع مع أنها من أصول علم البيان.
[عبد القاهر الجرجاني]
وفي القرن الخامس الهجري نلتقي بأبي بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني، الإمام النحوي وأحد علماء الكلام على مذهب