والفرق عنده بين الاختراع والإبداع- وإن كان معناهما في العربية واحدا- أن الاختراع: خلق المعاني التي لم يسبق إليها، والإتيان بما لم يكن منها قط، وأن الإبداع: إتيان الشاعر بالمعنى المستظرف، والذي لم تجر العادة بمثله، ثم لزمته هذه التسمية حتى قيل له بديع وإن كثر وتكرر، فصار الاختراع للمعنى، والإبداع للفظ. فإذا تم للشاعر أن يأتي بمعنى مخترع في لفظ بديع فقد استولى على الأمد، وحاز قصب السبق. بعد ذلك يوضح كلمتي «الاختراع» و «الإبداع» ثم ينتقل بالكلام إلى علم البديع فيذكر أنه ضروب كثيرة وأنواع مختلفة، وأنه سوف يذكر منه ما وسعته القدرة، وساعدت فيه الفكرة.
وعنده أن ابن المعتز هو أول من جمع البديع، وألف فيه كتابا، لم يعدّه إلا خمسة أبواب: الاستعارة أولها، ثم التجنيس، ثم المطابقة، ثم رد الإعجاز على الصدور، ثم المذهب الكلامي.
وقد عد ما سوى هذه الخمسة أنواع محاسن، وأباح أن يسميها من شاء ذلك بديعا، وخالفه من بعده في أشياء، يقع التنبيه عليها حيثما وقعت من كتابه العمدة (١).
أما أنواع البديع التي أوردها ابن رشيق في كتابه «العمدة» فتبلغ تسعة وعشرين؛ منها عشرون نوعا سبقه إليها ابن المعتز وقدامة وأبو هلال العسكري، وهي: الاستعارة، الإشارة، التجنيس، التصدير أو رد الاعجاز إلى صدورها، المطابقة، المقابلة، التقسيم، الترصيع، التسهيم، التفسير، الاستطراد، الالتفات، الاستثناء وهو توكيد المدح بما يشبه الذم، التتميم، المبالغة، الغلو، الإيغال، المذهب الكلامي، التضمين، التمثيل.