والطل في سلك الغصون كلؤلؤ ... رطب يصافحه النسيم فيسقط
والطير يقرأ والغدير صحيفة ... والريح تكتب والغمام ينقط
فالجمع بين كل أمر وما يناسبه في البيتين أوضح من أن يدل عليه.
[تشابه الأطراف]
ومن مراعاة النظير ما يسميه بعضهم «تشابه الأطراف»، وهو أن يختم الكلام بما يناسب أوله في المعنى، كقوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ. فإن اللطف يناسب ما لا يدرك بالبصر، والخبرة تناسب من يدرك شيئا، فإن من يدرك شيئا يكون خبيرا به.
ومنه قوله تعالى أيضا: لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ. قال: الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ على أن ما له ليس لحاجة، بل هو غني عنه جواد به، فإذا جاد به حمده المنعم عليه.
[إيهام التناسب]
ويقصد به الجمع بين معنيين غير متناسبين بلفظين يكون لهما معنيان متناسبان وإن لم يكونا مقصودين، ومن أجل ذلك يلحق بمراعاة النظير.
ومثال إيهام التناسب هذا قوله تعالى: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ. وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ. الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ أي بحساب معلوم وتقدير محكم دقيق، وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ، النجم: النبات الذي ينجم من الأرض لا ساق له كالبقول، والشجر الذي له ساق. وسجودهما: انقيادهما لله فيما خلقا له.
فالنجم بمعنى النبات وإن لم يكن مناسبا للشمس والقمر، فقد يكون بمعنى الكوكب وهو مناسب لهما. ولهذا سمي إيهام التناسب.