للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا الموضوع وما جرى مجراه إنما هو السجع الذي هو تساوي أجزاء الفواصل من الكلام المنثور في قوافيها. وهذا فيه زيادة على ذلك وهو أن تكون الحروف التي قبل الفاصلة حرفا واحدا، وهو في الشعر أن تتساوى الحروف التي قبل روي الأبيات الشعرية (١).

ومما لا ريب فيه أن هذا النوع من أصعب أنواع البديع اللفظي استخراجا، ولكن مما لا ريب فيه أيضا أنه يعد من محاسن الكلام، إذا وفق فيه الأديب فجاءه عفو الخاطر بدون تكلف ولا تعمل، وكان المعنى هو الذي يقود إليه ويستدعيه، وليس هو الذي يقود إلى المعنى.

[الموازنة]

الموازنة نوع من أنواع البديع اللفظي يقع في النثر والنظم: وهي تساوي الفاصلتين في الوزن دون التقفية، نحو قوله تعالى: وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ.

فلفظا «مصفوفة ومبثوثة» متساويان في الوزن لا في التقفية، لأن الأول على الفاء والثاني على الثاء، ولا عبرة

لتاء التأنيث لما هو معروف في علم القوافي.

وقد فصّل ابن الأثير الكلام عن الموازنة بعض الشيء فقال: «هي أن تكون ألفاظ الفواصل في الكلام المنقور متساوية في الوزن، وأن يكون صدر البيت الشعري وعجزه متساوي الألفاظ وزنا. وللكلام بذلك طلاوة ورونق وسببه الاعتدال، لأنه مطلوب في جميع الأشياء، وإذا كانت مقاطع الكلام معتدلة وقعت من النفس موقع الاستحسان وهذا لا مراء فيه لوضوحه.


(١) المثل السائر ص ١٠٦.

<<  <   >  >>