عن حاجتها فيصيبها بالتلف والإفساد. فهذا التتميم بالاحتراس من البديع حقا.
أما ذو الرمة ففي دعائه بالسقيا لدار صاحبته يقول:
ألا يا اسلمي يا دار ميّ على البلى ... ولا زال منهلا بجرعائك القطر (١)
فذو الرمة يدعو لدار صاحبته ميّ بالسلامة وبأن يظل المطر ينهل وينصبّ على جرعائها انصبابا شديدا. وهذا بالدعاء على دار صاحبته أشبه منه بالدعاء لها، لأن القطر إذا انهل فيها دائما فسدت. وهذا العيب ناشئ من أن الشاعر لم يتم معناه، ولم يتحرّز فيه كما فعل طرفة في بيته.
[التورية]
التورية من فنون البديع المعنوي، ويقال لها أيضا: الإيهام والتوجيه والتخيير، ولكن لفظة «التورية» أولى في التسمية لقربها من مطابقة المسمّى، لأنها مصدر ورّى بتضعيف الراء تورية، يقال: ورّيت الخبر:
جعلته ورائي وسترته وأظهرت غيره، كأن المتكلم يجعله وراءه بحيث لا يظهر.
والتورية في اصطلاح رجال البديع: هي أن يذكر المتكلم لفظا مفردا له معنيان، قريب ظاهر غير مراد، وبعيد خفي هو المراد.
ونحن نجد لها أكثر من تعريف لدى المتأخرين، ولكن هذه
(١) الجرعاء والأجرع: الأرض ذات الحزونة تشاكل الرمل، وقيل: هي الرملة السهلة المستوية لا تنبت شيئا، والقطر: المطر.