وخلطوا التكميل بالتتميم، ولكن المتأخرين من أصحاب البديع عادوا بهذا الفن إلى تسمية قدامة له، وذلك لما لحظوه من فرق بين الأمرين.
فالتتميم عندهم يرد على المعنى الناقص فيتمه، والتكميل يرد على المعنى التام فيكمله، إذ الكمال أمر زائد على التمام. والتمام أيضا يكون متمما لمعاني النقص لا لأغراض الشعر ومقاصده، والتكميل يكملها.
ولمزيد من الإيضاح نورد هنا مثالا للتكميل وهو لكثير عزة:
لو أن عزة حاكمت شمس الضحى ... في الحسن عند موفق لقضى لها
فقوله:«عند موفق» تكميل حسن، فإنه لو قال:«عند محكّم» لتمّ المعنى، لكن في قوله:«عند موفق» زيادة تكميل بها حسن البيت، والسامع يجد لهذه اللفظة من الموقع الحلو في النفس ما ليس للأولى، إذ ليس كل محكّم موفقا، فإن الموفق من الحكام من قضى بالحق لأهله.
وتجدر الإشارة بعد دراستنا لكل من التتميم والإيغال إلى أن هناك فارقا بينهما. فالتتميم كما ذكرنا يرد على المعنى الناقص فيتمه، على حين يرد الإيغال على المعنى التام لختم الكلام شعرا أو نثرا مسجوعا بما يعطيه قافيته، ويفيد في الوقت ذاته فائدة يتم المعنى بدونها كالمبالغة مثلا.
ولبيان أثر التتميم في تحسين المعنى وصحته وبلاغته نقارن هنا بين بيتين لطرفة بن العبد وذي الرمة في معنى واحد. فطرفة في دعائه لديار صاحبته بالسقيا يقول:
فسقى ديارك غير مفسدها ... صوب الربيع وديمة تهمي
فقوله:«غير مفسدها» فيه إتمام للمعنى بما يفيد أنه يدعو لديار صاحبته بأن يسقيها الغيث أو المطر بالقدر المطلوب، لا بالقدر الذي يزيد