للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القدوس (١) في الأمثال، ويقول لو أن صالحا نثر أمثاله في شعره وجعل بينها فصولا من كلامه لسبق أهل زمانه، وغلب على مد ميدانه. وهذا أعدل كلام سمعته في هذا المعنى».

وفي موضع آخر يشير إلى غرضه من تأليف كتاب البديع فيقول:

«وإنما غرضنا في هذا الكتاب تعريف الناس أن المحدثين لم يسبقوا المتقدمين إلى شيء من أبواب البديع» (٢). وفي موضع ثالث يشير إلى أنه أول من نظم وجمع فنون هذا العلم فيقول: «وما جمع فنون البديع ولا سبقني إليه أحد، وألفته سنة أربع وسبعين ومائتين» (٣).

والمتصفح لكتاب البديع يجد أنه يشتمل أولا على خمسة أبواب يتحدث فيها ابن المعتز عن أصول البديع الكبرى من وجهة نظره وهي:

الاستعارة، والجناس، والمطابقة، ورد أعجاز الكلام على ما تقدمها، أما الباب الخامس من البديع فهو- كما يقول- «مذهب سماه عمرو الجاحظ المذهب الكلامي. وهذا باب ما أعلم أني وجدت في القرآن منه شيئا، وهو ينسب إلى

التكلّف، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا» (٤). وليس عدم علمه مانعا علم غيره، ولم يستشهد عليه بأعظم من شواهد القرآن.

وينبه ابن المعتز في كتابه على أنه اقتصر بالبديع على الفنون الخمسة السابقة اختبارا من غير جهل بمحاسن الكلام ولا ضيق في المعرفة، ولهذا فمن أحب أن يقتدي به ويقتصر بالبديع على تلك الخمسة فليفعل.


(١) شاعر عباسي، من حكماء الشعراء، أمر المهدي بقتله وصلبه على جسر بغداد سنة ١٦٧ هـ. لزندقته.
(٢) كتاب البديع ص ٣.
(٣) نفس المرجع ص ٥٨.
(٤) كتاب البديع ص ٥٣.

<<  <   >  >>