للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعاني وعرّفه بقوله: «الالتفات أن يكون الشاعر آخذا في معنى فيعترضه إما شك فيه أو ظن بأن رادا يرد عليه قوله، أو سائلا يسأله عن سببه فيعود راجعا إلى ما قدمه، بمعنى يلتفت إليه بعد فراغه، فإما أن يذكر سببه أو يجلي الشك فيه» (١).

ومن أمثلة ذلك عنده قول المعطل الهذلي:

تبين صلاة الحرب منا ومنهمو ... إذا ما التقينا والمسالم بادن (٢)

فقوله: «والمسالم بادن» رجوع عن المعنى الذي قدمه حين بيّن أن علامة «صلاة الحرب» من غيرهم أن المسالم يكون بادنا والمحارب ضامرا.

ومن أمثلته أيضا قول الرماح بن ميادة:

فلا صرمه يبدو وفي اليأس راحة ... ولا وصله يبدو لنا فنكارمه (٣)

فكأنه يقول: «وفي اليأس راحة» والتفت إلى المعنى لتقدير أن معارضا يقول له: وما تصنع بصرمه أي هجره؟ فيقول مبينا علة ما يرجوه من انكشاف صرمه وهجره: لأنه يؤدي إلى اليأس، وفي اليأس راحة.

...

ومن يقارن مفهوم «الالتفات» عند ابن المعتز وقدامة، ثم يتابع مفهومه عند غيرهم من أمثال أبي هلال العسكري، وابن رشيق، وفخر الدين الرازي والسكاكي، يجد أن منهم من يستوحي مفهوم الالتفات عند


(١) كتاب نقد الشعر لقدامة ص ١٠٦.
(٢) تبين: تستبين صلاة الحرب بضم الصاد: الذين يقاسون حرها وشدتها وأهوالها جمع صال، مثل: قاض وقضاة.
(٣) الصرم بفتح الصاد: ضد الوصل وهو الهجر والصد.

<<  <   >  >>