الفعل المستقبل إلى فعل الأمر، وعن الفعل الماضي إلى فعل الأمر.
ويقول ابن الأثير إن هذا القسم كالذي قبله في أنه ليس الانتقال فيه من صيغة إلى صيغة طلبا للتوسع في أساليب الكلام فقط، بل الأمر وراء ذلك. وإنما يقصد إليه تعظيما لحال من أجرى عليه الفعل المستقبل وتفخيما لأمره، وبالضد من ذلك فيمن أجرى عليه فعل الأمر.
فمن الالتفات بالرجوع أو العدول عن الفعل المستقبل إلى فعل الأمر قوله تعالى: يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ. وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ. وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ. إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ. قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ. وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ.
فإنه إنما قال: أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا ولم يقل: «وأشهدكم» ليكون موازنا له وبمعناه، لأن إشهاده الله على البراءة من الشرك صحيح ثابت، وأما إشهادهم فما هو إلا تهاون بهم ودلالة على قلة المبالاة بأمرهم، ولذلك عدل به عن لفظ الأول- المستقبل- لاختلاف ما بينهما، وجيء به على لفظ الأمر، كما يقول الرجل لمن ساءت علاقته به: أشهد عليّ أني أحبك، تهكما به واستهانة بحاله.
...
ومن الالتفات بالرجوع أو العدول عن الفعل الماضي إلى فعل الأمر بغرض التوكيد لما أجرى عليه فعل الأمر لمكان العناية بتحقيقه قوله تعالى: