ومن أمثلة الجمع مع التفريق شعرا قول رشيد الدين الوطواط:
فوجهك كالنار في ضوئها ... وقلبي كالنار في حرّها
فقد جمع بين وجه الحبيب وقلب نفسه في حكم واحد هو تشبيههما بالنار، ثم فرّق بينهما في ذلك الحكم من جهة وجه الشبه في كليهما، فوجه الحبيبة كالنار في ضوئها ولمعانها، وقلب الشاعر كالنار في حرارتها ولهبها المحرق.
ومن الشواهد أيضا قول الفخر عيسى:
تشابه دمعانا غداة فراقنا ... مشابهة في قصة دون قصة
فوجنتها تكسو المدامع حمرة ... ودمعي يكسو حمرة اللون وجنتي
فالشاعر هنا جمع بين الدمعين ساعة الفراق في الشبه، ثم فرّق بينهما بأن دمع الحبيبة أبيض فإذا جرى على خدها صار أحمر بسبب احمرار خدّها، وأنّ دمعه أحمر لأنه يبكي دما وجسده من النحول والشحوب أصفر فإذا جرى دمعه على خده صيّره أحمر.
ومن أمثلة الجمع مع التفريق كذلك قول البحتري:
ولما التقينا والنقا موعد لنا ... تعجّب رائي الدرّ منا ولاقطه
فمن لؤلؤ تجلوه عند ابتسامها ... ومن لؤلؤ عند الحديث تساقطه
فالبحتري في بيتيه هذين جمع بين رائي الدر ولاقطه في حكم واحد هو التعجب، ثم فرّق بينهما في ذلك الحكم، أي من جهة التعجب، فرائي الدر يتعجب من ثناياها اللؤلؤية التي تبدو له عند ابتسامها، ولاقط الدر يتعجب مما تنفرج عنه شفتاها عند الحديث من كلمات يلتقطها وكأنها اللؤلؤ قيمة ونفاسة.