للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكالمرتجي ظل الغمامة كلما ... تبوأ منها للمقيل اضمحلت

كأني وإياها سحابة ممحل ... رجاها فلما جاوزته استهلت

فإن سأل الواشون: فيم هجرتها؟ ... فقل: نفس حر سلّيت فتسلت (١)

وممن مالوا إلى اللزوم من المتقدمين أيضا عبد الله بن الزبير الأسدي، وذلك كقوله من قصيدة في مدح عمرو بن عثمان بن عفان:

سأشكر عمرا ما تراخت منيتي ... أيادي لم تمنن وإن هي جلت (٢)

فتى غير محجوب الغنى عن صديقه ... ولا مظهر الشكوى إذا النعل زلت (٣)

رأى خلّتي من حيث يخفي مكانها ... فكانت قذى عينيه حتى تجلت (٤)

فاللزوم في شعر كثير عزة وابن الزبير الأسدي هو في التاء واللام المشددة.

...

والتزام ما لا يلزم لدى المتقدمين كما يبدو من شعرهم يأتي عفو الخاطر غير مقصود ولا متعمد، ولذلك لا يرى عليه من أثر الكلفة أو الصنعة شيء.

أما المتأخرون فتوسعوا فيه وأكثروا منه، ومنهم من تعمده وقصد إليه قصدا، كأنما يريد أن يدل بذلك على مقدرته في النظم وسعة إحاطته باللغة ومفرداتها.

ومن أولئك الشعراء أبو العلاء المعري فله في هذا النوع من الشعر


(١) أمالي القالي ج ٢ ص ١٠٧.
(٢) لم تمنن: أي لم تقطع ولم تخلط بمنة.
(٣) إذا النعل زلت: زلة القدم والنعل كناية عن نزول الشر والمحنة.
(٤) خلتي: الخلة بفتح الخاء: الخصاصة والفقر.

<<  <   >  >>