للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في علم البيان، وإلى مقالتين: الأولى في الصناعة اللفظية، والثانية في الصناعة المعنوية.

ويقول علماء البيان: «إن المثل السائر للنظم والنثر بمنزلة أصول الفقه لاستنباط أدلة الأخصام» فقد أتى فيه بما لم يسبقه أحد إليه، ولعل هذا هو سبب زهوه وإعجابه بنفسه البادي في ثنايا كتابه.

وقد ألّف عز الدين بن أبي الحديد صاحب شرح نهج البلاغة والمتوفى سنة ٦٥٥ للهجرة كتابا سماه «الفلك الدائر

على المثل السائر» يعنّف فيه ضياء الدين بن الأثير على غروره وتهجمه على من سبقوه، ويصحح بعض آرائه، وينقض اعتراضاته على الزمخشري والغزالي وأبي علي الفارسي وابن سينا والفارابي وغيرهم ممن تناولهم بالنقد والتجريح في كتابه.

والآن وبعد هذه الترجمة الموجزة لابن الأثير ننتقل إلى كتابه «المثل السائر» محاولين التعرف على ما أورد فيه من أنواع البديع.

وأول ما نلحظه بهذا الخصوص أنه لم ينظر إلى المحسنات البديعية كعلم قائم بذاته كما فعلت مدرسة عبد القاهر الجرجاني والزمخشري والسكاكي ومن لفّ لفهم، وبالتالي لم يدرسها دراسة منفصلة عن البيان، وإنما نراه يتوسع في مفهوم علم البيان بحيث يشمل مباحث علم المعاني والبديع، مجاريا في ذلك مدرسة الجاحظ التي تعتبر كلمة البيان مرادفة لكلمة البلاغة.

من أجل ذلك نراه في مقالته (١) الأولى الخاصة بالصناعة اللفظية


(١) كتاب المثل السائر ص: ٥٦ - ١٢٢.

<<  <   >  >>