«المصباح في علوم المعاني والبيان والبديع» هو تلخيص لكتاب «مفتاح العلوم» للسكاكي. وقد جرّد كتابه من تعقيدات السكاكي المنطقية والكلامية والفلسفية التي قدّم بها لأقسام المفتاح وفصوله، كما أدخل عليه بعض تعديلات، أهمها نقل مبحث البلاغة والفصاحة من ذيل البيان إلى فاتحة مختصرة.
وقد جرى بدر الدين على رأي السكاكي في أن علمي المعاني والبيان يرجعان إلى البلاغة، وأن المحسنات البديعية ترجع إلى الفصاحة، كما اعترف بأن هذه المحسنات توابع لعلمي المعاني والبديع، ولكنه مع ذلك جعلها علما مستقلا بذاته سماه «علم البديع»، وبذلك مهد الطريق أمام البلاغة لتصبح متضمنة علوما ثلاثة: المعاني والبيان والبديع.
ولعل أهم شيء تميّز به المختصر على الأصل هو توسع بدر الدين في المحسنات البديعية، فقد ذكر منها أربعة وخمسين نوعا، على حين ذكر السكاكي منها ستة وعشرين فقط. ولا ريب أن بدر الدين كان متأثرا في ذلك برجال البديع في عصره، فقد توسعوا في إحصاء أنواعه حتى تجاوزوا بها المائة، بل إن منهم من بلغ بها مائة وخمسة وعشرين نوعا.
وقد ردّ بدر الدين المحسنات البديعية التي عرض لها في كتابه إلى الفصاحة اللفظية والمعنوية مجاريا في ذلك السكاكي وغيره من أصحاب البديع المتقدمين عليه.
ولكنه انفرد عنهم جميعا بجعل المحسنات البديعية المعنوية قسمين:
قسما يعود إلى الإفهام والتبيين، مثل: المذهب الكلامي، والتتميم، والتقسيم، والاحتراس، والتذييل، والاعتراض، والتجريد، والمبالغة، وقسما يعود إلى التزيين والتحسين، مثل، اللف والنشر، والجمع مع التقسيم، والجمع مع التفريق.