السيرا في مدح خير الورى» نظمها على طريقة بديعية صفاء الدين الحلي وشرحها صاحبه أبو جعفر.
وبديعية ابن جابر تقع في مائة وسبعة وعشرين بيتا، واستهلها بقوله:
بطيبة انزل ويمم سيد الأمم ... وانثر له المدح وانشر أطيب الكلم
ويذكر أبو جعفر في مقدمة شرحه لهذه البديعية أن ابن جابر اتبع في سرد المحسنات البديعية الخطيب القزويني في كتابيه التلخيص والإيضاح، وذلك يعني أنه قصر بديعية على المحسنات البديعية ولم يخلطها ببعض فنون البيان كما فعل غيره.
وقد التقى ابن جابر مع صفي الدين الحلي في عدم الالتزام بتسمية النوع البديعي في البيت، ولكنه خالفه من جهة
عدم الإكثار من المحسنات في قصيدته مكتفيا فيها بنحو ستين محسنا، على حين تضمنت قصيدة الحلي مائة وخمسة وأربعين محسنا. والمتصفح لبديعية ابن جابر يرى أنه جرى فيها على طريقة بدر الدين بن مالك من حيث تقديم المحسنات اللفظية على المحسنات البديعية.
ويبدو أن المحاولات الثلاث أو البديعيات الثلاث التي عرضنا لها حتى الآن، وأغني بها بديعية كل من الأربلي، وصفي الدين الحلي، وابن جابر الأندلسي قد لفتت أنظار بعض العلماء الشعراء فراحوا يتبارون في نظم بديعيات على غرارها يمدحون بها الرسول ويضمنونها من المحسنات البديعية ما قدروا عليه مما عرفوا منها، وكأن تأثرهم بصفي الدين الحلي أكثر من غيره.