ومنه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «فليأخذ العبد من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشبيبة للكبر، ومن الحياة للموت، فو الذي نفس محمد بيده ما بعد الحياة مستعتب (١)، ولا بعد الدنيا دار إلا الجنة والنار».
ومن شواهد المطابقة الحقيقية شعرا قول الحماسي:
تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد ... لنفسي حياة مثل أن أتقدما
وقول آخر:
لئن ساءني إن نلتني بمساءة ... لقد سرني أني خطرت ببالك
٢ - والضرب الذي يأتي بألفاظ المجاز يسميه قدامة بن جعفر «التكافؤ» ومنه قول الشاعر:
حلو الشمائل وهو مر باسل ... يحمي الدمار صبيحة الإرهاق
فقوله «حلو ومر» يجري مجرى الاستعارة، إذ ليس في الإنسان ولا في شمائله ما يذاق بحاسة الذوق.
ومنه أيضا قول الشاعر:
إذا نحن سرنا بين شرق ومغرب ... تحرك يقظان التراب ونائمه
فالمطابقة هي بين «اليقظان والنائم»، ونسبتهما إلى التراب على سبيل المجاز. وهذا هو «التكافؤ» عند قدامة وابن أبي الأصبع.
أما المطابقة عند قدامة ومن اتبعه فهي اجتماع المعنيين المختلفين في لفظة واحدة مكررة، كقول زياد الأعجم:
(١) استرضاء، لأن الأعمال بطلت وانقضى زمانها، وقيل: رجوع عن الخطأ والذنب وطلب للرضا.