للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يخالف بضد ذلك (١) ومن أمثلته على ذلك قول الشاعر:

أموت إذا ما صد عني بوجهه ... ويفرح قلبي حين يرجع للوصل

وقد علّق قدامة على البيت بقوله: «فجعل ضد الموت فرح القلب، وضد الصد بوجهه الوصل، وهذه مقابلة قبيحة، ولو قال:

أموت إذا ما صدّ عني بوجهه ... وأحيا إذا مل الصدود وأقبلا

فجعل جزاء الموت الحياة، وجزاء الصد بالوجه الإقبال لكان مصيبا» (٢).

وجاء أبو هلال العسكري بعد قدامة فعرف المقابلة بقوله: «هي إيراد الكلام ثم مقابلته بمثله في المعنى واللفظ على وجه الموافقة أو المخالفة، نحو قوله تعالى: وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً، فالمكر من الله تعالى العذاب، جعله الله عز وجل مقابلة لمكرهم بأنبيائه وأهل طاعته» (٣).

وعرّف ابن رشيق القيرواني المقابلة بقوله: «هي ترتيب الكلام على ما يجب، فيعطى أول الكلام ما يليق به أولا وآخره ما يليق به آخرا، ويؤتي في الموافق بما يوافقه، وفي المخالف بما يخالفه. وأكثر ما تجيء المقابلة في الأضداد، فإذا جاوز الطباق ضدين كان مقابلة، مثال ذلك ما أنشده قدامة لبعض الشعراء، وهو:

فيا عجبا كيف اتفقنا فناصح ... وفي ومطويّ على الغلّ غادر


(١) نقد الشعر ص ٩٥.
(٢) نقد النثر ص ٨٥.
(٣) كتاب الصناعتين ص ٣٣٧.

<<  <   >  >>