للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المقابلة بين الأضداد وغيرها. أما على المذهب القائل بقصر المقابلة على الأضداد فقط فإن المقابلة بين «الليل والصبح» تكون غير تامة؛ لأن ضد الليل المحض النهار لا الصبح.

٥ - ومن مقابلة ستة بستة: قول الصاحب شرف الدين الأربلي:

على رأس عبد تاج عز يزينه ... وفي رجل حر قيد ذل يشينه

فالمقابلة هنا بين «على وفي» و «رأس ورجل» و «عبد وحر» و «تاج وقيد» و «عز وذل» و «يزينه ويشينه».

ويرى علماء البديع أن أعلى رتب المقابلة وأبلغها هو ما كثر فيه عدد المقابلات شريطة ألا تؤدي هذه الكثرة إلى التكلف أو توحي به.

كذلك يرون أن المقابلة بالأضداد أفضل وأتم، وهذا هو مذهب السكاكي؛ فالمقابلة عنده: أن تجمع بين شيئين فأكثر ثم تقابل ذلك بالأضداد، وإذا شرطت في أحد الشيئين أو الأشياء شرطا شرطت فيما يقابله ضده.

...

وبعد فلعلنا أدركنا الآن على ضوء دراستنا لكل من المطابقة والمقابلة مدى أثرهما في بلاغة الكلام. فكل منهما يضفي على القول رونقا وبهجة ويقوي الصلة بين الألفاظ والمعاني، ويجلو الأفكار ويوضحها شريطة أن تجري المطابقة أو المقابلة مجرى الطبع. أما إذا تكلفها الشاعر أو الأديب فإنها تكون سببا من أسباب اضطراب الأسلوب وتعقيده.

ومن صفات الأدب الجيد تلاحم أجزائه وائتلاف ألفاظه حتى كأن الكلام بأسره من حسن الجوار وشدة التلاحم كلمة واحدة، وحتى كأن الكلمة بأسرها حرف واحد. وكما يتم هذا التلاحم عن طريق التشابه يتم

<<  <   >  >>