للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والواقع أنها غضبة الله حلت بهذا الشعب: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (١).

وظل اليهود في أثناء ذلك ينتشرون في جميع البلاد الواقعة حول البحر المتوسط. فمنهم من ذهب لينضم إلى الجاليات اليهودية في بلاد الشام والبحر المتوسط، ومنهم من ذهب إلى القسطنطينية رغم عداء أباطرة الروم وبطارقتهم، ومنهم من اتجهوا من فلسطين جنوباً إلى جزيرة العرب وعاشوا في سلام وحرية دينية مع بني جنسهم الساميين، واحتلوا فى تلك البلاد أقاليم برمتها مثل خيبر. وكان عددم فى يثرب "المدينة المنورة" يكاد يكون مساوياً لعدد العرب أنفسهم، واستمالوا إلى دينهم عدداً من الأهلين وهيئوا عقول العرب لما جاء به الإسلام من عقائد يتفق بعضها مع العقائد اليهودية ومن هؤلاء "ورقة بن نوفل" عم السيدة خديحة رضي الله عنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم "بحيرى الراهب". ومنهم من عبروا البحر الأحمر إلى بلاد الحبشة حيث تضاعف عددهم بسرعة حتى قيل: أنهم

بلغوا في عام ٣١٥ م نصف سكان تلك البلاد (٢).

وكان اليهود يمتلكون نصف سفن الإسكندرية، وكان ثرائهم في تلك المدينة السريعة التأثر والاهتياج سببا من أسباب أزدياد حدة العداء الديني لهم.

وكان في أسبانيا جاليات يهودية قبل يوليوس قيصر، ونمت تلك الجاليات دون أن يتعرض لها بأذى تحت حكم الأباطرة الوثنيين، وأثروا فى عهد القوط الغربين الآريين، ولكنهم سرعان ماتعرضوا للإضطهاد الموئس


(١) سورة البقرة: ٦١.
(٢) Friedlander، L. Roman Life and mamers under the
Early Empire. ١١١، ١٧٣.

<<  <   >  >>