للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يبدو أنه بعد أن قربت عقيدة إسرائيل من التوحيد انتكست مرة أخرى انتكاساً كبيراً في العهد الذي ألف الأحبار فيه التلمود وهو "القرون الستة الأولى بعد الميلاد" فأسفار التلمود تظهر إله إسرائيل متصفاً بكثير من صفات الحوادث وصفات النقص.

ويبدو ذلك على الأخص فيما يرويه التلمود عن نشاط الله وأعماله في الليل والنهار، وعن حالته بعد هدم الهيكل وتشريد بني إسرائيل. فتقرر بعض أسفاره أن الله يقضي الساعات الثلاث الأولى من النهار في مذاكرة الشريعة، والساعات الثلاث الثانية في تدبير شئون الحكم بين الناس، والساعات الثلاث الثالثة في تدبير العيش للخلق. وأما الساعات الثلاث الأخيرة من النهار فيقضيها في اللعب مع الحوت ملك الأسماك. وهو حيوان كبير جداً يتسع حلقه لسمكة طولها ثلاثمائة فرسخ بدون أن تضايقه، وقد رأى الله أن يحرمه من أنثاه حتى لا يتناسلا فيملآن الدنيا وحوشا تهلك من فيها وتأتي على الحرث والنسل، ولهذا حبس الذكر بقوته الإلهية، وقتل الأنثى وملحها وحفظها لطعام المؤمنين في الفردوس. وأما ساعات الليل فيقضيها الإله في مذاكرة التلمود مع الملائكة ومع ملك الشياطين الذي يصعد إلى السماء كل ليلة ثم يهبط منها إلى الأرض بعد انتهاء هذه الندوة العلمية.

وقد تغير هذا النظام بعد أن قدر الله على هدم الهيكل وتشريد بني إسرائيل، فقد اعترف الإله بخطئه في هذا الصدد وندم على مافعله، وخصص ثلاثة أرباع الليل للبكاء والندم.

<<  <   >  >>