إن القرآن الكريم منذ اللحظات الأولى لنزوله على النبي - صلى الله عليه وسلم -، أثار حركة فكرية علمية ثقافية عند العرب، حيث دعاهم إلى الالتفات إلى ما جاءهم من جديد في أساليب التعبير والبيان، بما لم يعهدوه من قبل، فتعلقت قلوبهم وأسماعهم بروعة بيانه وبليغ نظمه
وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو المرجع للصحابة في فهم معانيه وتوضيح غامضه.
ولم يكن تفسير القرآن وضبط قواعده يظهر في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كعلم مستقل بنفسه، وإنما كان يروى منه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما كان يتعرض لتفسيره.
ولكن يمكننا القول أن قواعد التفسير - وقواعد الترجيح جزء منها - قد ظهرت بواكيرها والإشارة إليها منذ عهده - صلى الله عليه وسلم -، وإن كانت لم توجد كفن مدون ومستقل إلا في القرن الرابع عشر.
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - هو أول من اهتم بهذه القواعد من حيث التطبيق العملي، واستعملها في تفسيره لبعض الآيات، وصحح فهم الصحابة بناء عليها , يدل على ذلك ما ثبت عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: " لما نزلت {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}(١) قلنا: يا رسول الله! أينا لا يظلم نفسه؟ قال: ليس كما