للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث

إذا احتمل اللفظ معان عدة ولم يمتنع إرادة الجميع حمل عليها (١).

[صورة القاعدة]

إذا كانت الآية تحتمل معاني كلها صحيحة , فإنه يتعين حملها على الجميع (٢).

وقد بدت هذه القاعدة واضحة في تفسير ابن عاشور حيث ركّز الضوء عليها بأن جعل المقدمة التاسعة من تفسيره بعنوان: (المعاني التي تتحملها جمل القرآن، تعتبر مرادة بها)، وفيها يقول: " جاء القرآن على أسلوب أبدع مما كانوا يعهدون وأعجب، وهو لكونه كتاب تشريع وتأديب وتعليم كان حقيقاً بأن يودع فيه من المعاني والمقاصد أكثر ما تحتمله الألفاظ، في أقل ما يمكن من المقدار.

ويقول: " وإنك لتمر بالآية الواحدة فتتأملها وتتدبرها فتنهال عليك معان كثيرة يسمح بها التركيب على اختلاف الاعتبارات في أساليب الاستعمال العربي. وقد تتكاثر عليك فلا تك من كثرتها في حصر ولا تجعل الحمل على بعضها منافياً للحمل على البعض الآخر ... إلى أن يقول في آخر تلك المقدمة: " وقد كان المفسرون غافلين (٣) عن تأصيل هذا الأصل فلذلك كان


(١) انظر التحرير والتنوير، ج ٩، ص ٤٥، وأضواء البيان / الشنقيطي، ص ٤٠٥.
(٢) انظر أضواء البيان، ص ١٣.
(٣) هذه العبارة فيها شدة وتحامل على المفسرين لا تليق بهم، وهم قد أفنوا أعمارهم في خدمة وتفسير كتاب الله، ومسألة تعميم ذلك على المفسرين أيضاً مرفوضة، وإن كان بعضهم قد وقع في خطأ فإن ذلك كان بعد اجتهاد منه وتحري، ولكن نلتمس العذر لابن عاشور في كونه اعتنى بهذه القاعدة عناية كبيرة وتشربها حتى لينظر أن كل من خالفها قد وقع في خطأ كبير.

<<  <   >  >>