للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُكَذِّبوهم" قاعدة مقرَّرة لا يصح العدول عنها بأى حال من الأحوال، وبعد هذا وذاك نقول: إنه يجب على المفسِّر أن يكون يقظاً إلى أبعد حدود اليقظة، ناقداً إلى نهاية ما يصل إليه النقاد من قدة وروية حتى يستطيع أن يستخلص من هذا الهشيم المركوم من الإسرائيليات ما يناسب روح القرآن، ويتفق مع العقل والنقل، كما يجب عليه أن لا يرتكب النقل عن أهل الكتاب إذا كان فى سنَّة نبينا - صلى الله عليه وسلم - بيان لمجمل القرآن، على أن من الخير للمفسِّر أن يعرض كل الإعراض عن هذه الإسرائيليات وأن يمسك عما لا طائل تحته مما يُعَد صارفاً عن القرآن، وشاغلاً عن التدبير في حكمه وأحكامه، وبدهي أن هذا أحكم وأسلم " (١).

[أمثلة تطبيقية على القاعدة]

١ - مثال خلق السماوات والأرض:

قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (٢).

وقع خلاف بين علماء السلف في خلق السماوات والأرض وأيهما سبق الآخر، وقد ساق هذه الأقوال ابن عاشور في تفسيره فقال: " وقد جرى اختلاف بين علماء السلف في مقتضى الأخبار الواردة في خلق السماوات والأرض فقال الجمهور منهم مجاهد والحسن ونسب إلى ابن عباس - رضي الله عنه -: إن خلق الأرض متقدم


(١) التفسير والمفسرون / الذهبي، ج ١، ص ١٩١ - ١٩٣.
(٢) سورة البقرة، الآية (٢٩).

<<  <   >  >>