للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على خلق السماء، لقوله تعالى هنا: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} وقوله في سورة فصلت: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} (١) إلى أن قال: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} (٢). وقال قتادة والسدي ومقاتل: إن خلق السماء متقدم، واحتجوا بقوله تعالى: {بَنَاهَا (٢٧) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا} (٣) إلى قوله: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} (٤) وقد أجيب بأن الأرض خلقت أولاً ثم خلقت السماء ثم دُحيت الأرض فالمتأخر عن خلق السماء هو دحْو الأرض، على ما ذهب إليه علماء طبقات الأرض من أن الأرض كانت في غاية الحرارة ثم أخذت تبرد حتى جمدت وتكونت منها قشرة جامدة ثم تشققت، وتفجرت، وهبطت منها أقسام، وعلت أقسام بالضغط إلا أن علماء طبقات الأرض يقدرون لحصول ذلك أزمنة متناهية الطول، وقدرة الله صالحة لإحداث ما يحصل به ذلك التقلب في أمد قليل بمقارنة حوادث تعجل انقلاب المخلوقات عما هي عليه " (٥).

ورجّح ابن عاشور أن السماء خلقت قبل الأرض، ومن تعليله لهذا الاختيار أن ظاهر سفر التكوين يقتضي هذا، ومن قوله: "وأرجح القولين هو أن السماء


(١) سورة فصلت، الآية (٩).
(٢) سورة فصلت، الآية (١١).
(٣) سورة النازعات، الآية (٢٧ - ٢٨).
(٤) سورة النازعات، الآية (٣٠).
(٥) التحرير والتنوير، ج ٨، ص ٣٨٤.

<<  <   >  >>