للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أمثلة تطبيقية على القاعدة]

١ - مثال إيذاء الكافرين:

{وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} (١).

اختلف العلماء في معنى قوله تعالى: {وَدَعْ أَذَاهُمْ}، فمنهم من حمله على المعنى الحقيقي، ومنهم من حمله على المعنى المجازي، وقد ساق ابن عاشور هذين الاحتمالين في تفسيره فقال: " وقوله: {وَدَعْ أَذَاهُمْ} يجوز أن يكون فعل " دع " مراداً به أن لا يعاقبهم فيكون " دع " مستعملاً في حقيقته وتكون إضافة أذاهم من إضافة المصدر إلى مفعوله، أي دع أذاك إياهم.

ويجوز أن يكون " دع " مستعملاً مجازاً في عدم الاكتراث وعدم الاغتمام، فيما يقولونه مما يؤذي ويكون إضافة أذاهم من إضافة المصدر إلى فاعله، أي لا تكترث بما يصدر منهم من أذىً إليك فإنك أجلّ من الاهتمام بذلك، وهذا من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه. وأكثر المفسرين اقتصروا على هذا الاحتمال الأخير" (٢).

إلى أن ذكر أن اللفظ يحتمل المعنيين، فقال: " والوجه: الحمل على كلا المعنيين، فيكون الأمر بترك أذاهم صادقاً بالإِعراض عما يؤذون به النبي - صلى الله عليه وسلم - من


(١) سورة الأحزاب، الآية (٤٨).
(٢) التحرير والتنوير، ج ١١، ص ٥٨.

<<  <   >  >>