للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القراءتين على الأخرى متعينا ولا مرجحا " (١).

وابن عاشور حين يُقر هذه القاعدة يشعرنا وكأن هناك تناقضا بين هذه القاعدة، وبين إقراره بقاعدة (الأصل توافق القراءات في المعنى)، ولكن بعد التأمل يتضح لنا أن القاعدة الأصل عند ابن عاشور هي توافق القراءات في المعنى، فلا نحتاج فيه إلى التكلف في إظهار معنى مختلف لكل قراءة كما يتكلف في ذلك أحياناً بعض المفسرين، فإن لم يظهر خلاف بين القراءتين فهو الأصل، وإن اتضح اختلاف بين القراءتين في المعنى فإن التعدد في القراءات يكثر المعاني في الآية.

[أقوال العلماء في القاعدة]

إن المفسرين أدركوا أن القراءات القرآنية متواترة كانت أو شاذة تعطي للآيات القرآنية معاني جديدة، وقد تعاملوا مع هذه القراءات وكأنها آيات مستقلة حتى قيل: إن كل قراءة آية مستقلة من حيث دلالتها على المعنى.

قال السيوطي في "الإتقان": " إن اختلاف القراءات يُظهر الاختلاف في الأحكام، ولهذا بنى الفقهاء نقض وضوء الملموس وعدمه على اختلاف القراءة في لمستم ولا مستم، وجواز وطء الحائض عند الانقطاع قبل الغسل وعدمه على الاختلاف في يطهرن، وقد حكوا خلافاً غريباً في الآية " اهـ (٢). ثم ذكر كلاماً طويلاً حول اختلاف القرَّاء وختم بأنه يأخذ بكلا القراءتين وأن القراءتين بمنزلة آيتين.


(١) التحرير والتنوير، ج ١، ص ٥٥.
(٢) الإتقان/ السيوطي، ج ٢، ص ٤٨٥.

<<  <   >  >>