للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالإخبار عن الغيب إذ أخبرتْ بالوعد بحصول النصر له ولدينه، وذلك بما يسَّر الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - ولخلفائه مِن بعده في آفاق الدّنيا والمشرق والمغرب عامة وفي بَاحة العرب خاصة من الفتوح وثباتها وانطباع الأمم بها ما لم تتيسر أمْثالها لأحد من ملوك الأرض والقياصرة والأكاسرة على قلة المسلمين إن نسب عددهم إلى عدد الأمم التي فتحوا آفاقها بنشر دعوة الإسلام في أقطار الأرض، والتّاريخ شاهد بأن ما تهيأ للمسلمين من عجائب الانتشار والسلطان على الأمم أمر خارق للعادة " (١) ... .

رابعاً: التفنن:

قال ابن عاشور: " ومن أساليبه ما أسميه بالتفنن , وهو: بداعة تنقلاته من فن إلى فن بطرائق الاعتراض والتنظير والتذليل والإتيان بالمترادفات عند التكرير تجنباً لثقل تكرير الكلم، وكذلك الإكثار من أسلوب الالتفات المعدود من أعظم التفنن عند بلغاء العربية , فهو في القرآن كثير، ثم الرجوع إلى المقصود فيكون السامعون في نشاط متجدد بسماعه وإقبالهم عليه " (٢).

ومن أبدع الأمثلة التي نبّه عليها ابن عاشور في تفسيره مما يدخل في هذا الباب قوله: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (١٧) صُمٌّ


(١) التحرير والتنوير، ج ١٢، ص ١٨.
(٢) التحرير والتنوير، ج ١، ص ١١٣.

<<  <   >  >>