للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال بعض الحنابلة: يجوز النسخ بالإجماع لكن لا بنفسه بل بسنده , فإذا رأينا متنا صحيحا والإجماع بخلافه , استدللنا بذلك على نسخ , وأن أهل الإجماع اطلعوا على ناسخ وإلا لما خالفوه (١).

وقال الشنقيطي: " إذا وجد في كلام العلماء أن نصاً منسوخ بالإجماع، فإنهم إنما يعنون أنه منسوخ بالنص الذي هو مستند الإجماع، لا بنفس الإجماع " (٢).

ومن ادعى إجماعا يخالف نص الرسول من غير نص، يكون موافقا لما يدعيه، واعتقد جواز مخالفة أهل الإجماع للرسول برأيهم، وأن الإجماع ينسخ النص، كما تقوله طائفة من أهل الكلام والرأي، فهذا من جنس هؤلاء (٣).

[الأمثلة التطبيقية على القاعدة]

١ - مثال الوصية:

قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} (٤).

اختلف العلماء في هذه الآية أي في الوصية التي قرّرتها، هل هي منسوخة أو محكمة.

وقد ساق ابن عاشور هذا الخلاف في تفسيره، وملخص كلامه: إنه ذهب


(١) انظر إرشاد الفحول / الشوكاني، ج ٢، ص ٥٦٢.
(٢) أضواء البيان / الشنقيطي، ص ٥٠٠.
(٣) مجلة البحوث الإسلامية / شيخ الإسلام ابن تيمية، ج ٢١، ص ٢٧٦.
(٤) سورة البقرة، الآية (١٨٠).

<<  <   >  >>