للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثالث

مميزات الترجيح عند ابن عاشور

ظهرت عناية ابن عاشور بقواعد الترجيح المتعلقة بالنص القرآني من خلال الدلالة على أصح الأقوال، وإليك أبرز مميزاته في الترجيح:

١ - ميّز ابن عاشور بين النسخ وغيره من الأمور المتشابهة، وفرّق بين تخصيص العام والنسخ، كما فرّق بين تقييد المطلق والنسخ، وكذلك بينه وبين البيان والاستثناء، وكان من نتائج تحريه ودقته في مسائل النسخ أن انعكس ذلك على ترجيحاته فمثلاً عند قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (١). ذكر بعض العلماء: "إن حكم هذه الآية منسوخ بآية الزكاة، وكان هذا قبل أن تفرض الزكاة , فلما فرضت الزكاة نسخ الله بها كل صدقة في القرآن (٢).

في حين قرر ابن عاشور أن هذه الآية محكمة حيث قال: " وعلى القول المختار فهذه الآية غير منسوخة، ولكنّها مخصّصة ومبيَّنة بآيات أخرى وبما يبيّنه النَّبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يُتعلّق بإطلاقها، وعن السدّي أنَّها نسخت بآية الزّكاة يعني: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (٣)، وقد كان المتقدّمون يسمّون التّخصيص


(١) سورة الأنعام، الآية (١٤١).
(٢) وهو مذهب إبراهيم النخعي، والحسن البصري، والسدي. وروي عن ابن عباس، وابن الحنفية، وسعيد بن جبير. انظر جامع البيان / الطبري، ج ٨، ص ٧٠.
(٣) سورة التوبة، الآية (١٠٣).

<<  <   >  >>