للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[منهجه في العقيدة]

لم يفرد الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور العقيدة الإسلامية بمؤلف يتناولها فيه بالشرح والتحليل والبيان وإنما تُعرف آراؤه العقدية من خلال تفسيره "التحرير والتنوير".

لقد سار ابن عاشور في الجملة على منهج السلف الصالح في أبواب العقيدة عدا آيات الصفات؛ فهو يسير فيها على وفق منهج الأشاعرة، وذلك يعود إلى دراسته من كتب الأشاعرة مثل: الوسطى، والعقائد النسفية، والمواقف، وإن كان يخالفها ويقترب من منهج السلف أحياناً.

وإذا تعرَّض لتأويل آية جاء بأقوال السلف، وربما انتصر لهم، وإذا خالفهم في تأويل صفة أثنى عليهم، واعتذر لهم دون تعنيف أو تسفيه.

وأحياناً يكون له في الصفة الواحدة قول يسير فيه على منهج أهل التأويل، وفي موضع آخر يوافق فيه السلف.

ففي مسألة الرؤية نراه -على سبيل المثال- يؤولها، في بعض المواضع، وفي سورة المطففين عند قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} (١) ... نجده يثبت الرؤية (٢) حيث يقول: " فأما الإهانة فحجبهم عن ربهم، والحجب هو الستر، ويستعمل في المنع من الحضور لدى الملك ولدى سيد القوم، وكلا المعنيين مراد هنا لأن المكذبين بيوم الدين لا يرون الله يوم القيامة حين يراه أهل


(١) سورة المطففين، الآية (١٥).
(٢) انظر التحرير والتنوير، ج ١٥، ص ٢٠١.

<<  <   >  >>