كان الشيخ الطاهر ابن عاشور فقيهاً بارزاً حيث يعد من العلماء المجددين الذين يأنفون التقليد والتعصب لآراء الشيوخ، وكان يرى أن ارتهان المسلمين لهذه النظرة الجامدة المقلدة سيصيبهم بالتكاسل، وسيعطل إعمال العقل لإيجاد الحلول لقضاياهم التي تجدُّ في حياتهم.
وكان يعنى بالدليل، ويقيم حجته بما ورد من النصوص أو ما يسوغ من رأي وقياس، وإن كان لم يغفل آراء العلماء وأقوالهم بل وضعها في منزلتها التي تستحقها.
وقد ركّز على المذهب المالكي، وهذا أمر طبيعي، فقد عاش في بيئة يعتنق معظم أهلها المذهب المالكي، يقول في مقدمة كتابه (آراء اجتهادية): " ولما نشأت النشأة الدينية اتبعت مذهب إمام دار الهجرة مالك بن أنس، وتلقيت علوم الشريعة في سنة (١٣٠٩ هـ) وتدرجت بها وحذقتها، ثم درست أصول الفقه، وزاولت كتب السنة، وتوسعت في علم الخلاف بين العلماء، وأقرأت كتباً جمة من الفقه والأصول والحديث، وجالست العلماء وجادلتهم، وذاكرت وجادلت"، ثم استطرد في بيان المذاهب والترجيح بينها، وأخبر بأن باب الاجتهاد مفتوح، ولا يجوز للعالم التعبد بالتقليد، بل لا بد من النظر في الراجح