للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثالث

منهج ابن عاشور في القراءات المتواترة والشاذة

اعتنى الشيخ ابن عاشور بالقراءات عناية كبيرة , وجعل المقدمة السادسة من مقدمات التفسير للحديث عنها، وذكر أن السبب في كتابتها في المقدمة هو عناية كثير من المفسرين بها.

وبنى أول التفسير على قراءة نافع برواية عيسى بن مينا المدني الملقب بقالون لأنها القراءة المدنية إماما وراويًا، ولأنها التي يقرأ بها معظم أهل تونس، ثم ذكر خلاف بقية القراء العشرة خاصة.

وذكر أنه اقتصر في تفسيره على ذكر اختلاف القراءات العشر المشهورة خاصة في أشهر روايات الراوين عن أصحابها لأنها متواترة، وإن كانت القراءات السبع قد امتازت على بقية القراءات بالشهرة بين المسلمين في أقطار الإسلام.

ولكنه لم يلتزم بما قال، بل أطنب إطنابا غريبا في بعض المواضع، ومن ذلك قوله عند تفسير قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (١): " والصراط: الطريق ,وهو بالصاد والسين ,وقد قرئ بهما في المشهورة ,وكذلك نطقت به بالسين جمهور العرب إلا أهل الحجاز نطقوه بالصاد مبدلة عن السين لقصد التخفيف في الانتقال من السين إلى الراء ثم إلى الطاء ... وقيسٌ قلبوا السين بين الصاد والزاي وهو إشمام وقرأ به حمزة في رواية خلف عنه. ومن العرب من


(١) سورة الفاتحة، الآية (٥).

<<  <   >  >>