اتضح فيما سبق أن قواعد الترجيح جزء من قواعد التفسير، وهذا يدعوني إلى تناول قواعد التفسير عند ابن عاشور كإطار عام لقواعد الترجيح عنده.
ولن أستطيع في هذا المبحث أن أحصر قواعد التفسير عند ابن عاشور لأنها كثيرة جدا، وإنما يمكنني أن ألقي الضوء على نماذج من قواعد التفسير في تفسيره وبيان مدى عنايته بها، وسأذكرها على الترتيب الآتي:
أولاً: القواعد المتعلقة بأسباب النزول:
١ - القاعدة الأولى: إذا تعددت المرويات في سبب النزول اقتصر على الصحيح
أولى ابن عاشور أسباب النزول عناية فائقة، حيث نهج في إيرادها منهجاً قويماً يعتمد على التمحيص والمناقشة والترجيح، فنجده يجمع أسباب النزول المختلفة في الآية الواحدة ويتعقبها، ويرجح أقربها للصواب، ويعلل ردّه للروايات الأخرى.
ومن أمثلة ذلك:
ما ذكره عند تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى