للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (١).

قال ابن عاشور: " والمخاطب بهذا النّهي المسلمون لا الرّسول - صلى الله عليه وسلم - لأنّ الرّسول لم يكن فحّاشاً ولا سبّاباً؛ لأنّ خُلقه العظيم حائل بينه وبين ذلك، ولأنّه يدعوهم بما ينزل عليه من القرآن فإذا شاء الله تركه من وحيه الّذي ينزله، وإنّما كان المسلمون لغيرتهم على الإسلام ربّما تجاوزوا الحدّ ففرطت منهم فرطات سبّوا فيها أصنام المشركين.

روى الطّبري عن قتادة قال: «كان المسلمون يسبّون أوثان الكفّار فيردّون ذلك عليهم فنهاهم الله أن يستَسبّوا لربّهم». وهذا أصحّ ما روي في سبب نزول هذه الآية وأوفَقُه بنظم الآية. وأمّا ما روى الطّبري عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّه لمّا نزل قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} (٢) قال المشركون: لئن لم تنته عن سبّ آلهتنا وشتمها لنهجُوَنّ إلهك، فنزلت هذه الآية في ذلك، فهو ضعيف؛ لأنّ عليّ بن أبي طلحة ضعيف وله منكرات ولم يلق ابن عبّاس " (٣).

٢ - القاعدة الثانية: السبب الخاص لا يخصص العموم. واشتهرت عند العلماء بـ (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)

ومن ذلك ما جاء عنه في تفسير قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا


(١) سورة الأنعام، الآية (١٠٨).
(٢) سورة الأنبياء، الآية (٩٨).
(٣) التحرير والتنوير، ج ٤، ص ٤٢٨.

<<  <   >  >>