وكون هذا الكتاب له قيمته العلمية التي لا تخفى على كل مهتم بعلم التفسير، فقد عزمت البحث مستعينة بالله العظيم على استنباط ودراسة قواعد الترجيح المتعلقة بالنص القرآني والتي اعتمدها ابن عاشور في الترجيح في تفسيره، فكانت هذا الدراسة بعنوان:
(قواعد الترجيح المتعلقة بالنص عند ابن عاشور في تفسيره "التحرير والتنوير")
[مشكلة البحث]
تتجلى مشكلة البحث في أن كثيراً من المفسرين يذكر الأقوال المختلفة في الآية دون ترجيح فيكتفي بعرضها فقط، أو عرض الرأي الذي يراه مجرداً، أو على سبيل الحكاية، حتى كثرت هذه الأقوال واختلط الحق فيها بالباطل، الأمر الذي جعل التمييز بين هذه الأقوال ودراستها والتعمق فيها ضرورة ملحة، لذا لزم الأمر أن تُدرس كتب التفسير ويبين فيها صحة اختيارات وترجيحات المفسرين أو خطؤها، وبيان القواعد التي أقام عليها هؤلاء المفسرين ترجيحاتهم.
ولما كان الرجوع إلى النص القرآني يعد من القواعد المهمة في الترجيح بين الأقوال من خلال معرفة الناسخ والمنسوخ، والقراءات، والسياق القرآني، والغالب من أسلوب القرآن، وغيرها من الأمور المتعلقة بالنص رأيت من الأهمية دراسة هذه القواعد.
وكون ابن عاشور أحد المفسرين الذين اعتنوا بدلالة النص القرآني، حيث كان لها أثر ظاهر في اختياراته وترجيحاته، آثرت إبراز هذا الجهد بالبيان والتمثيل من خلال هذه الدراسة.