للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى جوارحهم فتشهد عليهم بالكفر فذلك معنى: {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ} " (١).

حجة من قال: إن المراد بقوله: {بَلْ بَدَا لَهُمْ} أي جزاء عقائدهم وأعمالهم:

وهذا القول اعتمده أبو السعود فقال: "والمراد بها النار التي وقفوا عليها إذ هي التي سيق الكلام لتهويل أمرها والتعجيب من فظاعة حال الموقوفين عليها وبإخفائها تكذيبهم بها، فإن التكذيب بالشيء كفر به وإخفاء له لا محالة، وأما ما قيل من أن المراد بما يخفون كفرهم ومعاصيهم أو قبائحهم وفضائحهم التي كانوا يكتمونها من الناس فتظهر في صحفهم وبشهادة جوارحهم عليهم أو شركهم الذي يجحدون به في بعض مواقف القيامة بقولهم: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}، ثم يظهر بما ذكر من شهادة الجوارح عليهم، أو ما أخفاه رؤساء الكفرة عن أتباعهم من أمر البعث والنشور أو ما كتمه علماءُ أهل الكتابين من صحة نبوةِ النبي عليه الصلاة والسلام ونُعوته الشريفة عن عوامِّهم، على أن الضميرَ المجرورَ للعوام والمرفوعَ للخواص، أو كفرُهم الذي أخفَوْه عن المؤمنين والضميرُ المجرور للمؤمنين والمرفوعُ للمنافقين، فبعدَ الإغضاءِ عما في كلَ منها من الاعتساف والاختلال لا سبيل إلى شيء من ذلك أصلاً لما عرفت من أن سَوْق النظم الشريف لتهويل أمر النار، وتفظيعِ حال أهلها، وقد


(١) غرائب القرآن ورغائب الفرقان / النيسابوري، ج ٣، ص ٦٦.

<<  <   >  >>