للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن عاشور: " والغضب المتعلق بالمغضوب عليهم هو غضبُ اللَّهِ. وحقيقة الغضب المعروف في الناس أنه كيفية تعرض للنفس يتبعها حركة الروح إلى الخارج وثورانها فتطلب الانتقام، فالكيفيةُ سبب لطلب الانتقام وطلب الانتقام سبب لحصول الانتقام , والذي يظهر لي أن إرادة الانتقام ليست من لوازم ماهية الغضب بحيث لا تنفك عنه ,ولكنها قد تكون من آثاره، وأن الغضب هو كيفية للنفس تعرض من حصول ما لا يلائمها فتترتب عليه كراهية الفعل المغضوب منه وكراهية فاعله، ويلازمه الإعراض عن المغضوب عليه ومعاملتُه بالعُنف وبقطع الإحسان وبالأذى وقد يفضى ذلك إلى طلب الانتقام منه فيختلف الحد الذي يثور عند الغضب في النفس باختلاف مراتب احتمال النفوس للمنافرات واختلاف العادات في اعتبار أسبابه، فلعل الذين جعلوا إرادة الانتقام لازمة للغضب بنَوا على القوانين العربية " (١).

حجة من أثبت صفة الغضب لله تعالى:

حجتهم في ذلك أن القاعدة المتبعة في أسماء الله وصفاته كما نص على ذلك أئمة السلف إثباتها كما أثبتها الله لنفسه من غير تمثيل ولا تشبيه ولا تكييف ولا تعطيل.

قال الألوسي: " وأنا أقول كما قال سلف الأمة هو صفة لله تعالى لائقة بجلال ذاته لا أعلم حقيقتها ولا كيف هي ,والعجز عن درك الإدراك إدراك " (٢).

وقال شارح العقيدة الواسطية الشيخ زيد فياض في "الروضة الندية": " ومذهب السلف وسائر الأئمة إثبات صفة الغضب، والرضا والعداوة والولاية والحب، والبغض، ونحو ذلك من الصفات التي ورد بها الكتاب والسنة


(١) التحرير والتنوير، ج ١، ص ١٩٧.
(٢) روح المعاني / الألوسي، ج ١، ص ٩٨.

<<  <   >  >>