للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجة القائلين بأن الختم حقيقي:

استدلوا بما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنّ المؤمنَ إذا أذنب ذنبًا كانت نُكْتهٌ سوداءُ في قلبه، فإن تاب وَنزع واستغفر، صَقَلت قلبه، فإن زاد زادت حتى تُغْلق قلبه، فذلك"الرَّانُ" الذي قال الله جل ثناؤه: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (١) (٢).

قال مجاهد: " كانوا يُرَوْنَ أنّ القلبَ في مثل هذا - يعني الكفَّ - فإذا أذنبَ العبد ذنبًا ضُمّ منه - وقال بإصبعِه الخنصر هكذا - فإذا أذنب ضُمَّ - وقال بإصبع أخرى - فإذا أذنب ضُمَّ - وقال بإصبع أخرى هكذا، حتى ضم أصابعَه كلَّها، قال: ثم يُطبع عليه بطابَعٍ. قال مجاهد: وكانوا يرون أن ذلك الرين " (٣).

وقال الطبري: " إنّ الذنوب إذا تتابعت على القلوب أغلقتها، وإذا أغلفتها أتاها حينئذ الخَتْم من قبل الله عز وجلّ والطبع، فلا يكون للإيمان إليها مَسْلك، ولا للكفر منها مَخْلَص، فذلك هو الطَّبع. والختم الذي ذكره الله تبارك وتعالى في قوله: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} الطبع والختم على ما تدركه الأبصار من الأوعية والظروف، التي لا يوصَل إلى ما فيها إلا بفضِّ ذلك عنها ثم حلّها. فكذلك لا يصل الإيمان إلى قلوب من وَصَف الله أنه ختم على


(١) سورة المطففين، الآية (١٤).
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك، ج ٢، ص ٥٦٢، ح- ٣٩٠٨، تفسير سورة المطففين، وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
(٣) انظر جامع البيان / الطبري، ج ١، ص ١٢٨.

<<  <   >  >>