للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو حيان: " والمختار أن جرم الأرض خلق قبل السماء, وخلقت السماء بعدها ثم دحيت الأرض بعد خلق السماء وبهذا يحصل الجمع بين الآيات " (١).

٣ - ومن الأدلة التي ذكرها أصحاب هذا القول أيضاً أن "ثم" في قوله تعالى: " {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} (٢) تفيد الترتيب فالله خلق الأرض ثم السماء.

ولكن هذا الدليل ممكن أن يجاب عليه كما ذكر الرازي وهو أن: «ثم» ليس للترتيب ههنا وإنما هو على جهة تعديد النعم، مثاله قول الرجل لغيره: أليس قد أعطيتك النعم العظيمة ثم رفعت قدرك ثم دفعت الخصوم عنك، ولعل بعض ما أخره في الذكر قد تقدم فكذا ههنا والله أعلم (٣).

وقد يرد إشكال آخر ذكره الرازي في تفسيره، وهو ورود عدد من الآيات قدم فيها ذكر السماء على ذكر الأرض، مع أن ظاهر التنزيل يدل على أن خلق الأرض مقدم على خلق السماء، ومن ذلك قوله تعالى: " {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (٦) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} (٤).

فلم قدم ذكر السماء على الأرض؟ والجواب: أن السماء كالدائرة،


(١) البحر المحيط، ج ١، ص ٢٨٢.
(٢) سورة فصلت، الآية (١١).
(٣) تفسير الرازي، ج ١، ص ٣٨١.
(٤) سورة ق، الآية (٦ - ٧).

<<  <   >  >>