للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليخرج عن تعريف النسخ رفع الحكم الشرعي المغيا بغاية عند انتهاء غايته، ورفع الحكم المستفاد من أمر لا دليل فيه على التكرار" (١).

ومما تقدم يتبين لنا دقة ابن عاشور في تحريره لمعنى النسخ اللغوي والاصطلاحي، كما أضاف للتعريف الاصطلاحي قيدا على ما ذكره الأصوليون بقوله: هو رفع الحكم الشرعي " المعلوم دوامه" مما يجعله أكثر دقة، كما أن قوله: "بخطاب يرفعه" يجعله أكثر شمولا حيث أن الخطاب يشمل الدليل القطعي (القرآن) والظني (السنة) بخلاف من عرفه بأنه رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر عنه.

وقد رجّح ابن عاشور بهذه القاعدة في تفسيره في أكثر من موضع، ومن ذلك عند قوله تعالى: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} (٢).

قال: "والمعنى: فإذا قاتلتم المشركين في المستقبل فأمعنوا في قتلهم حتى إذا رأيتم أن قد خضدتم شوكتهم، فأسروا منهم أسرى .. إلى أن قال:

وقوله (بعد) أي بعد الإثخان وهذا تقييد لإباحة المن والفداء، وذلك موكول إلى نظر أمير الجيش بحسب ما يراه من المصلحة في أحد الأمرين كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) التحرير والتنوير، ج ١، ص ٦٥٧.
(٢) سورة محمد، الآية (٤).

<<  <   >  >>