للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيث ذكر الشنقيطي بعد أن رجّح هذا القول: أن هذا المعنى قد دلت عليه آيات كثر من كتاب الله تعالى، ومن ذلك قوله تعالى: {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} (١)، وقوله تعالى آمراً له - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} (٢) (٣).

وأما من استدل على أن الآية منسوخة بحديث البخاري , فإن هذا الحديث لا يصلح؛ لأن يكون حجة على قولهم.

قال ابن كثير عن حديث البخاري: " إنه وأمثاله دلالة على أنه لا يقطع لمعين بالجنة إلا إذا نص الشارع على تعيينهم " (٤).

وقال النحاس: " محال أن يكون في هذا ناسخ ولا منسوخ , من جهتين: أحدهما أنه خبر، والآخر أنه من أول السورة إلى هذا الموضع خطاب للمشركين واحتجاج عليهم وتوبيخ لهم، فوجب أن يكون هذا أيضا خطابا للمشركين كما كان قبله وما بعده، ومحال أن يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - للمشركين: " ما أدري ما يفعل بي ولا بكم " في الآخرة، ولم يزل - صلى الله عليه وسلم - من أول مبعثه إلى مماته يخبر أن من مات على الكفر مخلد في النار، ومن مات على الإيمان واتبعه وأطاعه فهو في الجنة، فقد رأى - صلى الله عليه وسلم - ما يفعل به وبهم في الآخرة.


(١) سورة الأعراف، الآية (١٨٨).
(٢) سورة الأنعام، الآية (٥٠).
(٣) أضواء البيان / الشنقيطي , ص ١٥٧٤.
(٤) تفسير القرآن العظيم / ابن كثير، ج ١٣، ص ١٠.

<<  <   >  >>