للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العدد، وإن لم يكن لها نهاية (١).

وذكر الرازي أيضا وجه التحديد بالحقب وإن كان المراد الأبدية فقال:

الأول: أن لفظ الأحقاب لا يدل على مضي حقب له نهاية وإنما الحقب الواحد متناه، والمعنى أنهم يلبثون فيها أحقاباً كلما مضى حقب تبعه حقب آخر، وهكذا إلى الأبد.

والثاني: أنهم يلبثون فيها أحقاباً لا يذوقوق في الأحقاب برداً ولا شراباً، فهذه الأحقاب توقيت لنوع من العذاب. وهو أن لا يذوقوا برداً ولا شراباً إلا حميماً وغساقاً، ثم يبدلون بعد الأحقاب عن الحميم والغساق من جنس آخر من العذاب.

وثالثها: هب أن قوله: أحقاباً يفيد التناهي، لكن دلالة هذا على الخروج دلالة المفهوم، والمنطوق دل على أنهم لا يخرجون , قال تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} (٢) ولا شك أن المنطوق راجح " (٣).

وللقرطبي كلام جميل أيضاً في معنى الحقب حيث يقول: "والمعنى في الآية، لابثين فيها أحقاب الآخرة التي لا نهاية لها، فحذف الآخرة لدلالة الكلام عليه، إذ في الكلام ذكر الآخرة وهو كما يقال أيام الآخرة، أي أيام بعد أيام إلى غير


(١) انظر زاد المسير / ابن الجوزي، ج ٤، ص ٣٨٩.
(٢) سورة المائدة، الآية (٣٧).
(٣) التفسير الكبير/ الرازي، ج ١١، ص ١٥.

<<  <   >  >>