للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم". (١).

قال ابن عاشور: " جاء حدّ الزنا في سورة النور، وهي نازلة في سنة ست بعد غزوة بني المصطلق على الصحيح، والحكم الثابت في سورة النور أشدّ من العقوبة المذكورة هنا، ولا جائز أن يكون الحدّ الذي في سورة النور قد نسخ بما هنا لأنّه لا قائل به. فإذا مضينا على معتادنا في اعتبار الآي نازلة على ترتيبها في القراءة في سورها، قلنا إنّ هذه الآية نزلت في سورة النساء عقب أحكام المواريث وحراسة أموال اليتامى، وجعلنا الواو عاطفة هذا الحكم على ما تقدّم من الآيات في أوّل السورة بما يتعلّق بمعاشرة النساء، كقوله: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} (٢) وجزمنا بأنّ أوّل هذه السورة نزل قبل أوّل سورة النور، وأنّ هذه العقوبة كانت مبدأ شرع العقوبة على الزنا فتكون هاته الآية منسوخة بآية سورة النور لا محالة، كما يدلّ عليه قوله: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} " (٣).

حجة القائلين بأن الآية محكمة:

قالوا: إن النسخ لا يكون إلا عند تعذر الجمع بين الدليلين، وهنا يمكن


(١) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحدود، باب حد الزنى، ج ٣، ص ١٣١٦، ح-١٦٩٠، والترمذي في سننه، كتاب الحدود، باب ما جاء في الرجم على الميت، ج ٤، ص ٤١، ح- ١٤٣٤ وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(٢) سورة النساء، الآية (٤).
(٣) التحرير والتنوير، ج ٣، ص ٢٦٩.

<<  <   >  >>